الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

التوثيق التربوي

حرر من قبل : أ.نورة الذويخ
ينجز التربويين في ميدان التعليم خلال العام الدراسي عدد من الممارسات التربوية و الأنشطة و المشاريع التعليمية المتنوعة و التي تساهم في تحقيق رسالة و أهداف التعليم . و يتميز عدد من التربويين بقدرتهم في إعداد الخطط و صياغة أهدافها بمهارة و بناء أنشطة إبداعية و مبتكرة من شأنها رفع كفاءة المخرجات و تنمي مهارات الفئة المستهدفة مع القدرة على وضع مؤشرات لقياس تحقق الأداء . و لكن , قد يغفل شريحة من التربويين عن جانب مهم وهو توثيق ممارساتهم التربوية و توثيق مخرجاتها و نتائجها بطرق صحيحة و رسمية , وهو ما قد يؤثر سلباً على متطلبات مهنية بالمستقبل .
و التوثيق في الميدان التربوي يقصد به مهارة حفظ المستندات و الوثائق الرسمية و إثبات الممارسات و الأنشطة التربوية التي تدل على انجاز مهني في فترة زمنية محددة مع تحري الدقة والمصداقية في تجميع البيانات و الحرص على اظهارها بصورة لافتة تعطي الإنطباع الجيد عن جودة الأداء و فاعليته . و بالتالي سيوفر التوثيق الأدلة و الاثباتات الصادقة لممارسات منسوبي التربية بجميع فئاتهم ” مشرف , اداري , معلم , طالب”  في ميدان التعليم .
و من المهم أن يعرف التربوي لماذا و كيف يوثق !! و للإجابة على الشق الأول من السؤال , ينبغي أن نتأمل ممارساتنا التربوية السابقة و نتسائل : هل ساهمت في تحقيق التنمية المهنية “الذاتية” التي يتطلع لها كل تربوي ! إن إجابتنا لهذا التساؤل سيحدد لماذا و ما الهدف من التوثيق !
في الواقع يوفر التوثيق أدلة تثبت مصداقية أداء الفرد و يساهم بحفظ الحقوق للممارسات في الميدان التربوي , و يساعد على تنظيم و حصر الأعمال و المنجزات و تقييمها و تطويرها لتحقيق جانب من متطلبات جودة التعليم , وهو دافع للتحفيز الذاتي و التنمية المهنية , و يدعم التقدم و الفوز بالترشحات و المنافسات التربوية المحلية و الدولية .
و لعل عدم إدراك مفهوم التوثيق و الهدف منه و قلة الالمام بمهارات و أساليب التوثيق سبباً لعدم الاهتمام به من قبل بعض التربويين خلال و بعد الانتهاء من تنفيذ الأنشطة التربوية . لذا كان من المهم الاهتمام بنشر أساليب و مهارات التوثيق في الميدان التربوي و التي تساهم بتقديم وثائق و أدلة ذات مصداقية و تحفظ حقوق و إنجازات كل تربوي .
و لعلي أذكر بعضاً من أساليب التوثيق و التي ستقدم إجابة مبسطة و مختصرة للشق الثاني من السؤال ” كيف نوثق “!
من الضروري أن يعي كل تربوي حقه بالحصول على شهادة أو خطاب إفادة موثق رسمياً بتاريخ و ختم و توقيع من الجهة المسؤولة أياً كانت بعد انتهائه من مهمة أو تنفيذ نشاط تربوي , وهما إحدى أهم أساليب التوثيق و التي تثبت الإنجاز و تؤكده , مع الأخذ بعين الاعتبار جانب مهم و هو ” قوة التوثيق” , فالوثيقة التي تصدر من إدارة عليا بوزارة التربية أو مؤسسات تعليمية و مجتمعية أو دولية تختلف بقوتها و مصداقيتها عن الوثيقة التي تصدرها إدارة المدرسة , و التي بدوره سيشكل فارقاً عند التقدم لترشيحات وظيفية أو الدخول في منافسات تربوية .
 كذلك يجب أن يوثق التربوي و من ضمنهم المعلم جميع اللقاءات و الإجتماعات التي يمارسها بإستمرار مع أطراف العملية التعليمية المختلفة من خلال ” محاضر الاجتماع ” و الذي يعد مستند يثبت و يوثق ما تم مناقشته و التوصل إليه , و يسهم بإكساب اللقاءات الطابع المهني و الرسمي المنظم و البعد عن العشوائية في العمل التربوي .
و من المهم أن يحتفظ التربوي بنسخ لجميع التعاميم و النشرات و التكاليف لتي كلف بها من قبل الجهات المسؤولة  و أرشفتها ورقياً و إلكترونياً , وهي تعد أدلة هامة و مؤشرات لنمو أدائه و كفاءة قدراته التربوية من خلال الثقة بتكليفه لإنجاز مهام إضافية  تحتاج لمهارات معينة .
أيضاً تعد الصور وسيلة لتوثيق الممارسات التربوية ” وفقاً لشروط معينة ” تسهم بتأكيد أن ما تم تصويره هو من إنجاز التربوي أو إنجازاً لمن يقوم بالإشراف عليهم و قام بتدريبهم و تعليمهم و بالتالي تعد مخرجات لجهوده المبذولة , و يجب أن يَظهر التربوي في الصورة أو يُظهر إسمه بوضوح أمام ما يتم تصويره .
و تعد مرئيات و آراء الفئة المستهدفة من خلال إستطلاع الرأي و الإستبانات و التي ينبغي كذلك أن توثق رسمياً  , إحدى أهم أساليب التوثيق , فهي تقدم مؤشراً هاماً لنجاح بعض الممارسات و الأنشطة التربوية و كفاءة مخرجاتها و تحقيقها  الأثر الايجابي في تطوير مهاراتهم .
كذلك ينبغي على التربوي الحرص على إستخدام اسمه الصريح عند النشر و التواصل مع الأخرين من خلال المواقع الالكترونية  و شبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة و التي تعد ممارسات موثقة إلكترونية , و الاحتفاظ بنسخ من الصحف و المجلات أو اللقاءات الاعلامية و التي توثق و تنشر منجزاُ له عبر القنوات الاعلامية الموثوقة و المعتمدة , و أن يحرص على إعداد تقرير مفصل بالصور بعد الانتهاء من كل نشاط أو مشروع  و تقديم نسخه منه للجهات المشرفة .
و تعد مشاركة أو حضور التربوي للمؤتمرات , المتاحف , المعارض و الملتقيات و البرامج التدريبية  مؤشراً هاماً لسعيه للتنمية المهنية و التطوير الذاتي , ولكن يجب أن يحرص على إثبات و توثيق ذلك من خلال شهادة أو إفادة بالحضور أو بطاقات الدخول و التي “تظهر اسمه ” حيث لا تعتمد و لا تكفي الصور كإثباتات رسمية موثقة .
و من خلال مشاركة و تنويع و تطوير التربوي لممارساته التربوية بمختلف المجالات و إستخدامه لأساليب توثيق متنوعة , سيجد أنه لن يتمكن من جمع إنجازاته في ” ملف إنجاز ” واحد كما هو معتاد لدى معظم التربويين , بل سيحتاج إلى عدة ملفات , كل ملف يختص بأنشطة و بمجالات تربوية محددة و تضم بداخلها الوثائق المعتمدة , و هذا من شأنه سيسهل الرجوع إليها عند الحاجة إليها .
ومن المهم أن يشارك التربوي مجتمعه و زملائه بما لديه من حصيله معرفية و خبرات متنوعة عبر الملتقيات و ورش العمل و وسائل التواصل الاجتماعي التقنية , ليساهم بذلك بتطوير المجتمع التربوي المهني و يؤكد دوره الفعال كأحد عناصر المنظومة التعليمية , مع الحرص على توثيق ذلك بأساليب متنوعة .
أخيراً .. يجب أن يحرص كل تربوي حمل على عاتقه أمانة التعليم على توثيق ما يثبت أدائه و أنشطته المتنوعة و التنويع بأساليب توثيقها و الأهم أن يلتزم بالمصداقية و الأمانة في توثيق ممارساته التي أنجزها بنفسه و التي توثق كفائته و مهارته , و تجنب توثيق ما ينجزه الأخرين لنفسه لعدم مصداقيتها , و لعدم تحقيقها تنمية ذاتية و مهنية لمهاراته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق